خلافات داخل الاتحاد الأوروبي: نصف الأعضاء يعارضون خطة دمج التمويل في الميزانية المستقبلية - هل يهدد ذلك التماسك الأوروبي؟
تشهد بروكسل أزمة صامتة تتصاعد في ظل التحضيرات لطرح المفوضية الأوروبية لمقترح الميزانية طويلة الأجل لما بعد عام 2027. في تطور يثير المخاوف حول مستقبل التماسك الأوروبي، طالبت 14 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي بتبني "سياسة تماسك قائمة بذاتها". هذه السياسة تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية وتقديم الدعم للمناطق الأقل نموًا، ولكنها تثير جدلاً واسعًا حول كيفية دمجها في الميزانية الشاملة.
ما هي سياسة التماسك؟
سياسة التماسك هي أحد أهم ركائز الاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى تقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المختلفة داخل الاتحاد. تستهدف هذه السياسة بشكل خاص المناطق الأقل نموًا والمناطق الريفية، من خلال توفير التمويل للمشاريع التي تعزز البنية التحتية، وتشجع الاستثمار، وتخلق فرص عمل.
الخلاف حول الدمج في الميزانية
الخلاف الرئيسي يكمن في اقتراح المفوضية الأوروبية بدمج تمويل سياسة التماسك في الميزانية العامة للاتحاد الأوروبي. ترى الدول العارضة أن هذا الدمج سيضعف سياسة التماسك ويقلل من قدرتها على الاستجابة للاحتياجات الخاصة للمناطق المختلفة. بدلاً من ذلك، تطالب هذه الدول بإنشاء "صندوق تماسك" منفصل ومخصص، يتم تمويله بشكل مستقل.
الدول المعارضة والمبررات
تشمل الدول التي أبدت معارضتها لهذه الخطة دولًا مثل بولندا، وإسبانيا، وإيطاليا، واليونان، والبرتغال، وغيرها. تؤكد هذه الدول على أن سياسة التماسك ضرورية لتحقيق التماسك الاجتماعي والاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، وأن أي تقويض لهذه السياسة سيؤدي إلى تفاقم الفوارق وزيادة الاستياء.
تداعيات محتملة
إذا لم يتم التوصل إلى حل وسط، فقد تواجه المفوضية الأوروبية صعوبة في الحصول على موافقة الدول الأعضاء على الميزانية المقترحة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأخير في تنفيذ المشاريع الحيوية، وتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الأقل نموًا. كما يمكن أن يضعف هذا الخلاف الثقة بين الدول الأعضاء ويؤثر سلبًا على مستقبل الاتحاد الأوروبي.
مستقبل سياسة التماسك
يتوقف مستقبل سياسة التماسك على قدرة المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء على إيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف. يتطلب ذلك فهمًا عميقًا للاحتياجات المختلفة للمناطق المختلفة، والتزامًا قويًا بتحقيق التماسك الاجتماعي والاقتصادي في الاتحاد الأوروبي. الخلاف الحالي يمثل تحديًا كبيرًا، ولكنه أيضًا فرصة لإعادة تقييم سياسة التماسك وتحديثها لتلبية احتياجات القرن الحادي والعشرين.