ساحرات الليل: كيف هزمت طوائرهن الخشبية النازيين في قلب الحرب العالمية الثانية
خلال أحلك أيام الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت أوروبا الغربية تحت وطأة الاحتلال النازي، ظهرت مجموعة فريدة من المقاتلات الروسيات، أطلق عليهن لقب "ساحرات الليل" (Ночные ведьмы - Nochnye Ved’my). لم يكن سلاحهن المميز هو الطائرات النفاثة الحديثة، بل طائرات التدريب الخشبية القديمة، والتي تم تعديلها لتصبح آلات حرب مميتة في الليل.
من هن ساحرات الليل؟
كانت ساحرات الليل وحدة فريدة من نوعها في القوات الجوية السوفيتية، تتألف بالكامل من نساء طياريات. تم تشكيل هذه الوحدة في عام 1942، وكانت مهمتها الأساسية هي تدمير الدبابات والآليات العسكرية الألمانية في العمق، خلف خطوط العدو. تم اختيار هؤلاء الطياريات بشكل خاص لقدراتهن على الطيران في الظلام والقيام بمهام خطيرة تتطلب مهارة عالية وشجاعة لا مثيل لها.
الطائرات الخشبية: سلاح غير تقليدي
بدلاً من الطائرات المقاتلة الثقيلة، طارت ساحرات الليل بطائرات Po-2، وهي طائرات تدريب خشبية ذات محرك واحد. كانت هذه الطائرات بطيئة وهشة، لكنها كانت مثالية للمهام السرية التي تم تكليفهن بها. كانت Po-2 قادرة على الطيران على ارتفاع منخفض للغاية، مما يجعلها غير قابلة للكشف من قبل الرادار الألماني. كما أن صوتها الخافت يشبه صوت حشرة، مما جعل من الصعب على الجنود الألمان سماعها قبل فوات الأوان.
عمليات سرية في قلب العدو
كانت مهمة ساحرات الليل هي التحليق في الظلام الدامس، والتسلل خلف خطوط العدو، وإلقاء القنابل على المواقع الألمانية الحيوية، مثل الدبابات ومخازن الذخيرة ومراكز القيادة. كانت هذه العمليات خطيرة للغاية، حيث كان يتعين عليهن الطيران بمفردهن فوق الأراضي المعادية، وتجنب شبكات المدفعية المضادة للطائرات، والتعامل مع النيران المضادة.
إرث ساحرات الليل
على الرغم من المخاطر الجسيمة، نجحت ساحرات الليل في تنفيذ مئات العمليات الناجحة، مما ساهم بشكل كبير في هزيمة ألمانيا النازية. قُدر عدد القنابل التي ألقيتها على مواقع العدو بمئات الآلاف. بعد الحرب، تم حل الوحدة، لكن إرثهن كأبطالات حرب حقيقيات ظل حيًا في الذاكرة السوفيتية، ثم الروسية. اليوم، تُذكر ساحرات الليل كرمز للشجاعة والتصميم والمرأة الروسية في الحرب.
لمحة عن الأرقام
- أكثر من 300 امرأة شاركن في الوحدة.
- نفذن أكثر من 23,000 مهمة قتالية.
- أُسقطت أكثر من 100 طائرة خلال عملياتهن.
ساحرات الليل، قصة بطولات نسائية لا تُنسى، تذكرنا بقدرة الإرادة والشجاعة على تجاوز الصعاب وتحقيق المستحيل، حتى باستخدام أدوات بسيطة مثل طائرة خشبية قديمة.
