تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: هل نشهد سطوحيّة في التفكير وتراجعًا في مستوى النقاش؟

يشهد عالمنا اليوم ثورة رقمية هائلة، يقودها انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بوتيرة متسارعة. وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي تقدمها هذه المنصات، من تسهيل التواصل وتبادل المعلومات، إلى إتاحة فرص للتعلم والتعبير عن الذات، إلا أنها تحمل في طياتها تحديات جمّة، أبرزها تأثيرها السلبي على مستوى التفكير النقدي والعمق الفكري لدى شريحة واسعة من الشباب.
لم يعد خافيًا على أحد أن الكثير من الشباب يجدون في هذه المنصات ملاذًا آمنًا للتعبير عن مشاعرهم وآرائهم بشكل عشوائي وغير مدروس. يتحول الفضاء الافتراضي إلى ساحة للثرثرة والسطحية، حيث تتناثر الأفكار غير المكتملة والتعليقات السخيفة دون أي اعتبار لقيمة الحوار البناء أو أهمية التفكير العميق.
إننا نشهد اليوم انتشارًا واسعًا لظاهرة "المشاهير بالغباء" أو "المؤثرين بالسخافة"، وهم أولئك الذين يكتسبون شهرة واسعة بفضل منشوراتهم السطحية ومقاطع الفيديو التافهة التي يروجون لها. يتهافت الجمهور عليهم، ويتفاعل معهم بحماس، دون أن يدركوا أنهم بذلك يساهمون في ترويج ثقافة التفاهة والتسطيح الفكري.
ماذا حدث إذن؟ هل فقد الشباب القدرة على التفكير النقدي؟ هل أصبحوا أسيرًا لسطحية المحتوى الذي يستهلكونه؟ الإجابة ليست بهذه البساطة. فالأمر يتعلق بالعديد من العوامل، من بينها:
- الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: قضاء ساعات طويلة في تصفح هذه المنصات يؤدي إلى إرهاق العقل وتقليل القدرة على التركيز والتفكير العميق.
- غياب التوجيه والإرشاد: عدم وجود رقابة أو توجيه من قبل الأهل أو المعلمين حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل صحي ومفيد.
- انتشار المحتوى السطحي: وفرة المحتوى التافه والسخيف على هذه المنصات تجعل من الصعب على الشباب العثور على محتوى مفيد ومثير للتفكير.
كيف يمكننا مواجهة هذه المشكلة؟
- تعزيز التربية النقدية: يجب تعليم الشباب كيفية التفكير النقدي وتقييم المعلومات بشكل صحيح.
- تشجيع القراءة والبحث: يجب تشجيع الشباب على القراءة والبحث عن المعرفة من مصادر موثوقة.
- التوعية بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي: يجب توعية الشباب بمخاطر الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها السلبي على الصحة النفسية والاجتماعية.
- دعم المحتوى المفيد: يجب دعم المحتوى المفيد والمثير للتفكير على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشجيع المنتجين لهذا المحتوى.
إن مستقبلنا يعتمد على قدرتنا على مواجهة هذه التحديات، وتعزيز ثقافة التفكير النقدي والعمق الفكري. يجب أن ندرك أن وسائل التواصل الاجتماعي هي مجرد أداة، ويمكننا استخدامها بشكل إيجابي أو سلبي. الأمر متروك لنا.